responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 104
[المسألة الثانية] :
أنَّ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم قيل فيها إنها تشمل الملائكة، وذلك لعموم قوله {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} وهذا ليس بجيد، هذا القول ليس بجيد؛ بل يترجح أنّه غلط وذلك لأمور:
1 - الأول:
أنّ قوله - عز وجل - {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} هذا فيه الإنذار، والملائكة مقيمون على عبادة الله - عز وجل - وعلى توحيده وعلى تسبيحه كما قال صلى الله عليه وسلم (أَطّتْ السّمَاءُ وَحُقّ لَهَا أَنْ تَئِطّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعٍ إِلاّ وَمَلَكٌ قائم أو مَلَكٌ سَاجِد أو مَلَكٌ راكع) [1] فالملائكة موحدون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، الملائكة عُبَّادْ لله - عز وجل -، الملائكة متقربون إلى لله - عز وجل -، ومن كانت هذه حاله فلا يصلح له الإنذار.
ولهذا قوله - عز وجل - {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} ليس فيه دليل لمن ذهب إلى أنّ بَعثة النبي صلى الله عليه وسلم عامة للجميع؛ لأن الآية فيها تعليق بالإنذار والملائكة لا يُنْذَرُون.
2 - الثاني:
أنَّ الملائكة جنسُهم أو نقول منهم من أتى بالرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهو جبريل عليه السلام، وأمَرَهُ أن يُبَلِّغها للناس، ودخول الآمِرْ في مثل هذا في الأمر يحتاج إلى دليل؛ لأنّ الأصل أنّ الآمِرْ إذا أَََمَرَ غيره فإنه لا يدخل في الأمر، فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يُعلن الرسالة للناس جميعا بل للثقلين، فإدخاله -إدخال جبريل- عليه السلام يحتاج إلى دليل.
3 - الثالث:
أنّ الملائكة {يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى:5] ، {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:7] ، وهم أنصار الأنبياء يُرْسِلُهُم الله - عز وجل - إليهم لنصرتهم وهم أولياؤهم، وهذا يدل على أنهم خارجون عن الاتِّباع؛ لأنهم لو كانوا تابعين لصارت نصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين مُتَعَيِّنَة بلا أمر لأجل عَقْدِ نُصْرَةْ الرسالة.
قال هنا (المبعوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وكَافَّةِ الوَرَى) ، (وكَافَّةِ) هذه في إضافتها للورى - الوَرَى يعني الناس- صحيحة، وجاءت في لغة قليلة عن العرب، واستعملها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي صحيحة، خلافا لمن قال إنَّ (كَافَّة) لا تُسْتَخْدَمْ إلا منصوبة على وجه الحال - يعني أن تكون حالاً - كما قال - عز وجل - {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبإ:28]
فالأصل أن تكون منصوبة حال، ويجوز أو في لغة قليلة استُعْمِلَتْ مضافة.
قوله (بالحقِّ والهدى، وبالنُّور والضِّياء) هذه الأربع أوصاف وأسماء للقرآن.
وبهذا نختم هذا الدرس.
أسأل الله - عز وجل - أن يجعلنا من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
مباحث النبوة سبق أن ذكرنا لكم أنها لم تُجْمَع في كتاب عام لكل مباحث الأنبياء تعريف النبي والرسول والمعجزات والبراهين وختم النبوة والرد على المخالفين في كل ما يتعلق بالنبوات، ولا شك أنَّ الحاجة داعية إلى ذلك، فهذه مباحث قد لا توجد في كتاب مجموع، لهذا حبذا لو يتوجه إلى هذا البحث بجمع كل مسائل النبوة، بعض طلبة العلم حتى يكون تناوله يسيرا في أيدي إخوانهم من طلبة العلم.
نكتفي بهذا القدر.

[1] الترمذي (2312)
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست